من المعروف أن الفينيقيين هم من اخترع الأبجدية وعلمها لباقي شعوب العالم , ومن حروف أبجديتهم اشتقت الحروف الكتابية لباقي اللغات بدءا من اليونانية واللاتينية في الغرب إلى الآرامية والعبرية والعربية في الشرق , لكن قليلا ما يذكر أحد مصدر أشكال الحروف الفينيقية .
في المعتقدات السورية القديمة كان للكلمة قدسية كبيرة , فهي مفهوم ديني وسحري معقد , لذا لم يقم الفينيقيون حين رسموا حروفهم الأولى باختيار أشكالها بشكل اعتباطي , بل اختاروا أشكالها من مجال سحري وديني آخر ذو قدسية لديهم , وهو علم الفلك , فكما اعتبروا النجوم تجسيدا لآلهتم , جعلوا من الحروف تجسيدا للنجوم .
رسم كل حرف فينيقي اعتمادا على مجموعة نجمية في أحد أبراج دائرة الفلك القديمة , فعلى سبيل المثال , حرف الألفا ( الألف ) الفينيقي القديم رسم على شكل مجموعة نجمية في برج الثور , وحرف البيت ( الباء ) رسم على شكل مجموعة نجمية في كوكبة أوريون , حرف الجامل ( جيم ) رسم على شكل مجموعة في برج الجوزاء , وهكذا . لتترتب أحرف الأبجدية حسب ورودها في دائرة البروج , ولتبقى أحرف الزين والحاء والطاء أحرفا زائدة دون نجوم ترتبط بها. أي أن الأحرف الأولى في التاريخ لم تكن رموزا كتابية فحسب , ولا انجازا علميا فحسب , بل كانت مزيجا علميا سحريا دينيا معتمدا على الدين السوري القديم , ولعل هذا الربط القديم بين الأحرف الكتابية والأبراج كان المصدر للتقاليد السحرية العبرية والفارسية والأوروبية في حساب الجمل والتنبؤ بمستقبل الإنسان اعتمادا على اسمه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق